Sep 28, 2025
في الرياض، الأكل مش بس مجرد وجبة تسد الجوع، كل طبق تشوفه على الطاولة وراه حكاية طويلة تمتد بين حضارات وثقافات مختلفة، وانتقلت عبر طرق التجارة، الهجرات، وحتى قصص البيوت البسيطة، ومع ازدهار المدينة وصعودها كعاصمة عالمية، صار عندها القدرة تجمع كل هذي الحكايات في مكان واحد: من الكبسة الشعبية إلى الإكلير الفرنسي.
خلونا نغوص مع بعض في رحلة بين الأطباق اللي نحبها اليوم، ونعرف القصص اللي صنعتها.
الكبسة اليوم هي الأكلة الوطنية السعودية بلا منازع، لكن بدايتها بسيطة جدًا:
كان البدو يحضرونها من الأرز واللحم والبهارات، وجبة مشبعة وسهلة التحضير في الصحراء. مع الوقت، تحولت من وجبة سريعة في الخيم إلى طبق مركزي على موائد المناسبات.
اليوم، الكبسة صارت جزء من الهوية السعودية، ومعها آلاف النكهات: كبسة لحم، كبسة دجاج، وحتى إبداعات حديثة تقدمها مطاعم الرياض الفاخرة بطريقة عصرية، لما تزور مطعم مثل Najd Village أو مطاعم حديثة في البوليفارد، تلاحظ كيف الكبسة حافظت على أصالتها لكنها لبست ثوب جديد.
البيتزا اللي نعرفها اليوم ما بدأت كأكلة فاخرة، بالعكس، ولدت في نابولي بإيطاليا كطعام للفقراء: عجينة رقيقة، صوص طماطم، وقليل من الجبن، مع الوقت، البيتزا النابوليتانية صارت تراث عالمي مصنف من اليونسكو.
في الرياض، البيتزا انتقلت من فكرة “أكل سريع” إلى فن بحد ذاته، مطاعم مثل Il Baretto أو Spontini تقدمها بأسلوب أصيل، سواء الرقيقة الإيطالية أو الشرائح السميكة بأسلوب “al taglio”، فكل مرة تأكل بيتزا، أنت فعليًا تعيش قصة من القرن الثامن عشر في إيطاليا.
الشاورما قصة ممتعة بحد ذاتها، أصلها يعود إلى تركيا باسم “الدونر كباب”، حيث كان اللحم يطهى على سيخ دوار، انتقلت الفكرة لبلاد الشام، وتحولت مع خبز البيتا والصلصات إلى الشاورما اللي نحبها اليوم.
في الرياض، الشاورما مش بس أكل شارع؛ صارت جزء من الهوية اليومية، من عربات صغيرة في الأحياء، إلى مطاعم فاخرة تقدمها بلمسة عصرية، كل لفة شاورما تأخذك في رحلة من إسطنبول إلى دمشق، ثم إلى قلب الرياض.
القهوة العربية، برائحتها القوية ولونها الذهبي، هي رمز الضيافة السعودية، أصلها من اليمن في القرن الخامس عشر، وانتشرت مع قوافل التجارة للحجاز ونجد.
اليوم، القهوة العربية في الرياض لها حضور مزدوج:
*التقليدي: في البيوت والمناسبات مع التمر والدلة.
*الحديث: في المقاهي مثل Elixir Bunn أو Brew92 اللي يخلطون بين V60 واللاتيه والسبانش.
فنجان القهوة هنا مش مجرد مشروب، هو جسر بين الماضي والحاضر.
فرنسا كانت دومًا رائدة في عالم الحلويات، والإكلير والماكرون خير مثال.
*الإكلير: اخترع في القرن التاسع عشر، ومعناه “البرق” لأنه يلمع من طبقة الشوكولاتة.
*الماكرون: حلويات رقيقة بالألوان، ارتبطت دائمًا بالأناقة الفرنسية.
في الرياض، مقاهي مثل Madeleine أو LPM جابت هذي الحلويات وقدمتها بروح جديدة، اليوم، قطعة ماكرون أو إكلير ما صارت رفاهية، بل رمز للرقي وتقدير التفاصيل.
اللي يميز الرياض اليوم إنها جمعت كل هذي الأطباق في مكان واحد.
*الإيطالي في البوليفارد.
*الفرنسي في أحياء مثل العقيق والقدية.
*السعودي الأصيل في قرية نجد.
*وحتى الياباني مثل Myazu اللي يقدّم السوشي والتاتاكي بأعلى مستوى.
المدينة تحولت لـ مسرح عالمي للطعام، وكل طبق له قصة مختلفة جايبها معه.
لما ترفع الملعقة أو تقضم أول لقمة، أنت ما تاكل بس “أكل”، أنت تشارك في قصة بدأت قبل مئات السنين، عبر قوافل، مطابخ جدات، وحرفية طهاة عالميين.
الرياض اليوم هي كتاب مفتوح للطعام: من الكبسة إلى البيتزا، ومن القهوة العربية إلى الماكرون. كل طبق هو رحلة، وكل تجربة في مطعم هي فصل جديد من الحكاية.
حقوق النشر 2025, جميع الحقوق محفوظة ©